إما تعريف موحّد أو الفشل

ناصر موسى الحسين *

قبل 6 شهور أقرّ مجلس الوزراء السعودي إنشاء هيئة عامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، تهدف إلى «تنظيم القطاع ودعمه وتنميته ورعايته وفقاً لأفضل الممارسات العالمية من أجل رفع إنتاجيته وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي وزيادة الطاقة الاستيعابية للاقتصاد السعودي بما يؤدي إلى توليد الوظائف وإيجاد فرص عمل للقوى العاملة الوطنية وتوطين التقنية». يعد قرار التأسيس –وإن جاء متأخراً- خطوة مهمة جداً في الاتجاه الصحيح، فقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة ظل طيلة العقود الماضية دون اهتمام يليق به، رغم أهميته الكبيرة، فهو يمثل قاعدة متينة تعتمد عليها الدول في بناء اقتصاداتها، ووفقاً للبنك الدولي فإن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تشكل 99.5% من عدد المنشآت الاقتصادية، وتساهم في توظيف 70% من العمالة، كما أنها تساهم في تحقيق قيمة مضافة بنسبة 40% أو 60% في منطقة اليورو.

ومجرد إنشاء الهيئة لا يكفي ما لم تسنده مجموعة من الإجراءات خلال مرحلة التأسيس وأثناء ممارسة الهيئة مهامها، من بينها:

- توفير منظومة متكاملة تبدأ بالقوانين والتشريعات، ولا تنتهي عند التنسيق بين الأطراف المعنية.

إنّ وجود المنظومة يؤسس- ليس لنجاح هذه الهيئة فحسب- بل لنجاح المؤسسات الاقتصادية الأخرى.

ويمكن الجزم بأن هناك كثيرا من المشاريع الإيجابية التي يتم تأسيسها لكنها تفشل أو تواجه صعوبات في طريق نجاحها بسبب غياب المنظومة الشاملة.
-العمل على تعريف موحّد لمفهوم المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
إن غياب أو حضور التعريف الموحّد ليست مسألة كمالية بل جوهرية، إذ لا يمكن أن نتصور نهوض هذا القطاع دون أن نتفق على معيار لأحجام المنشآت.

لقد ظلت إشكالية التعريف الموحد عقوداً من الزمن دون حل، وقد حان الوقت لوضع حد للاختلاف حول هذا التعريف.

- تقنين الدعم والامتيازات وتوجيهها نحو معايير حقيقية مثل:

-معيار الأولوية، فخلافاً للإقراض الذي تقدمه حالياً بعض الجهات التمويلية والذي لا يراعى فيه الأولويات التنموية، فإن الهيئة معنية بدراسة القطاعات الأكثر أهمية بالنسبة لاقتصاد المملكة وفقاً للخطط الاستراتيجية.

- حجم المساهمة في القيمة المضافة للاقتصاد، وهو من التوجهات المهمة في التنمية الاقتصادية، ومن الواضح أن القطاع الصناعي أحد تطبيقات هذا التوجه.

-الاهتمام بمعيار الريادة في المشاريع (Entrepreneurship) أو ما يعرف بأنه إنشاء عمل حر يتسم بالإبداع ويتصف بالمخاطرة المحسوبة.
-معيار توطين الوظائف، إذ أنّ توطين الوظائف من الأهداف الإستراتيجية الكبيرة التي يجب أن تتداخل مع كل الأنشطة والبرامج الإقتصادية، وفي التجارب الدولية استطاعت الهند أن توفر 400 مليون وظيفة عبر هذا القطاع.

- من الإجراءات التي ينبغي الاهتمام بها عملية تسهيل الإجراءات وتجاوز الأسلوب التقليدي في إنجاز الطلبات.

وزارة التجارة والصناعة في المملكة - ولله الحمد - لديها تجربة جيدة في استخدام التقنيات الحديثة لتسريع الإجراءات، ونتوقع أن تحقق شيئاً أفضل في الإجراءات الخاصة بالخدمات التي يفترض أن تقدمها من خلال الهيئة.

- أثبتت التجربة أن كثيراً من المشاريع المتعثرة في هذا القطاع يمكن إنجاحها عبر برامج الدعم الفني، حيث يعاني الكثير في القطاع من مشاكل ومعوقات فنية تمس خطوط الإنتاج وأحيانا التسويق والإدارة، ويستحق هذا القطاع ابتكار برامج دعم فني له لمساعدته في تخطي العقبات.

الجدير بالذكر أن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية يشكل أكثر من 92% من أعداد المنشآت الاقتصادية في المملكة، ويساهم في تشغيل نحو 27% من إجمالي العمالة، ولا يتعدى حجم مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي 33%.
 

كاتب وصحفي سعودي